رئيس التحرير
عصام كامل

بالمستندات.. تفاصيل خطة أكاديمية الفنون لـ«تطفيش» خبرائها الأجانب.. الأكاديمية تماطل في تجديد عقودهم لعامين.. متضررون يتهمون أحلام يونس بإهانتهم..«الابتزاز» سلاح للضغط.. وإهدار الم

فيتو

منذ ما يقرب من 30 عاما، قررت مصر الاستعانة بخبراء أجانب للتدريس بمعاهد أكاديمية الفنون العظيمة، هذا الصرح الفريد الذي دوره التنقيب عن المواهب الفنية وتخريجها للعالم أجمع، وكان لهؤلاء الخبراء الفضل في تخرج العديد من المواهب خلال هذه المسيرة الطويلة وأصبحت بصمتهم واضحة في كل أركان هذا الصرح، حتى اعتبر كل منهم أن أكاديمية الفنون بيته والطلاب أبناءه، ومصر هي موطنه التي لم يبخل عليها بعلمه طوال تلك المسيرة، كديفيد هيلز الذي قضى 35 عاما بالأكاديمية، وأستاذ بيانوماليز الذي قضى فيها 20 عاما، وديفيد إدجار أيضًا 15عاما، لكن كعادتها الأيام متقلبة، فيأتى اليوم الذي تحاك فيه المؤامرات على هؤلاء الخبراء للخلاص منهم وابعادهم عن المشهد الثقافي داخل تلك الأكاديمية تحت قيادة رئيستها الدكتور أحلام يونس ومعاونيها، لإنهاء مسيرة حافلة بالإنجازات والعطاء الذي لم ينضب.


وبدورها، توصلت «فيتو» لمستندات تكشف خطة الأكاديمية لتطفيش هؤلاء الخبراء.

سياسة التطفيش
بدأت الحكاية عندما حان موعد تجديد العقود بين الطرفين في نهاية شهر مايو من عام 2015، فما كان أمام إدارة الأكاديمية إلا أن تظهر تمسكها بالخبراء الأجانب وإن كان ذلك على الورق فقط، فقد وافق مجلس الأكاديمية بجلسته المنعقدة بتاريخ 19 مايو 2015 على تجديد التعاقد معهم للتدريس بمعاهد الأكاديمية المختلفة، ويظهر المستند أنه وردت الموافقات الأمنية لتجديد التعاقد مع الخبراء، يبقي فقط موافقة الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة في هذا الشأن، وكذلك رئيس الإدارة المركزية لشئون مكتب وزير التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري لتجديد التعاقد، إلا أنه لم ترد أي من هذه الموافقات حتى تاريخ 22 فبراير 2016، بحسب ما جاء بالمذكرة التي تقدم بها أحمد السيد أمين عام الأكاديمية بشأن صرف مكافآت ومستحقات الخبراء الأجانب.

الأمر نفسه يتكرر بعد مرور ما يقارب 4 أشهر من تاريخ مخاطبة أمين عام الأكاديمية لرئيستها بشأن صرف المستحقات، حيث جاء في المذكرة أنه لم ترد حتى الآن الموافقات من الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، وكذلك رئيس الإدارة المركزية لشئون مكتب وزير التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري لتجيدد التعاقد مع الخبراء الأجانب، دون إبداء أسباب ممانعة هذه الأجهزة على الموافقة.

مخالفة العقود
بدورها اخترقت الأكاديمية نص البند الحادي عشر من العقد المبرم بين الأكاديمية والخبراء الأجانب على أن للطرف الأول طبقا لمقتضيات الصالح العام ولأسباب يقدرها، الحق في فسخ العقد في أي وقت وقبل انتهاء مدته بشرط إخطار الطرف الثاني قبل ذلك بمدة شهر وفى هذه الحالة يستحق الطرف الثاني تعويضا يعادل المكافأة المقررة له عن المدة الباقية وكذلك مكافأة نهاية الخدمة في حالة استحقاقه لها طبقا لما نص عليه قانون الأكاديمية وذلك ما لم يكن الفسخ للبند السادس من هذا التعاقد.

وتجبر المادة الطرف الأول "أكاديمية الفنون" ما إذا أرادت فسخ التعاقد مع الطرف الثاني "الخبراء" بإخطارهم قبل المدة بشهر كامل، وهذا لم يحدث من الأساس، فلم تتحدث الأكاديمية عن فسخ التعاقد مع الخبراء، ولم تظهر أي نية لذلك، وإنما تركت الأمر كما هو دون البت فيه خوفا من إثارة الرأى العام عليها إذا أعلنت فسخ التعاقد من جانبها، وبدأ الأمر يأخذ مناحى أخرى للتخلص من هؤلاء الخبراء-بحسب المتضررين.

إهانة متعمدة
بعد مرور ما يقرب من عامين على عدم التجديد لهؤلاء الخبراء طيلة هذه الفترة ظهرت نية الأكاديمية الواضحة في عدم رغبة استكمال مسيرة هؤلاء الخبراء بالتدريس في المعهد، ونتج عنه تساؤلات عدة من قبل الخبراء عن الأسباب التي تقف وراء تأخر إبرام العقود الجديدة حتى الآن خصوصا أن ما يحدث كان بالنسبة لهم أمر جديد لم يمر عليهم خلال فترة عملهم الطويلة، فما كان أمام الأكاديمية سوي إدراج هؤلاء الخبراء تحت سياسة «العمل بالقطعة» وصرف مستحاقاتهم من خلال بند "أجر مقابل عمل"، حتى تجد سبيلا للتعامل معهم، وفى إهانة واضحة لقامات كبيرة، وعقب نشوب الأزمة حدثت واقعة إهانة أخرى عندما طلب عدد من الخبراء الأجانب الحديث مع رئيسة الأكاديمية أحلام يونس حول الأزمة إلا أنها رفضت مقابلتهم والسماع لشكواهم.

المماطلة حل
بقي هؤلاء الخبراء-بحسب حديثهم- بدون استخراج لتصريحات العمل خلال هذه المدة رغم وجود مكاتب خاصة بشئونهم داخل كل معهد في الأكاديمية على حدة يعملون فقط من أجل إنهاء أي أوراق للخبراء، وما أن فاض الكيل بهم قرر أحد منهم الذهاب إلى مكتب القوى العاملة الكائن بالجيزة للوقوف على حقيقة ما يدعيه المسئولون عن هذه المكاتب من صعوبات تواجه استخراج تصريحات العمل، وبالفعل استطاع الحصول على تصريح العمل دون وجود عوائق كما صور لهم البعض بأن الأجهزة الأمنية تقف حائلا دون ذلك، وقد اعتاد الخبراء الأجانب دفع تكاليف استخراج تلك التصريحات من أموالهم الخاصة والتي قدرت بـ3000 جنيه رافعين العبء عن كاهل الأكاديمية رغم أن ذلك واجب عليها.

الابتزاز وسيلة
كان الابتزاز سلاحا آخر ظن القائمون على الأمر داخل الأكاديمية أنه سياتى بجديد لصالح ما يربوه، فقد شرع البعض لابتزاز الخبراء بعملهم في الأوبرا كعمل إضافي لتحسين الدخل الهزيل الذي يتقاضونه من الأكاديمية، عن طريق إجبارهم على الكف عن تجديد العقود مقابل السماح لهم بالعمل خارجا أو سيكون شن الحرب عليهم هو مصيرهم المحتوم، لكن يبدو أن من أراد شن هذه الحرب لم يقرأ القانون المنظم لعمل أكاديمية الفنون جيدا والذي تنص مواده  بدءا من المادة رقم: 66 وحتى المادة 69 على تنظيم عمل أعضاء هيئة التدريس خارج الأكاديمية، فلا يجوز لأعضاء هيئة التدريس إلقاء دروس في غير الأكاديمية أو الإشراف على ما يعطى خارجها من دروس إلا بترخيص من رئيس الأكاديمية بناء على موافقة مجلس المعهد بعد أخذ رأي مجلس القسم ويشترط للترخيص في ذلك أن يكون التدريس أو الإشراف على مستوى الدراسة بالأكاديمية، وبمقتضي هذه المواد تكون فقد وقعت رئيسية الاكاديمية في مخالفة قانونية واضحة بعلمها بخرق أحد أعضاء هيئة التدريس للقانون والسكوت عليه، وفقا للمستندات.

إهدار مال عام
الأمر أيضا يتعلق بإهدار المال العام فالأساتذة المصريين يدربون ما يقرب من 3 إلى 4 طلاب في التخصص الواحد في حين أن الخبير الأجنبي يدرب 13 طالبا، فضلا عن المرتبات الزهيدة التي يتقاضونها وتصل إلى 5500 جنيه شهريا، ورغم الزيادة التي حلت على مرتبات الأساتذة المصريين فلم تزد مرتبات الأجانب شيئا حتى وصل المصري لضعف ما يتقاضاه الأجنبي-بحسب المستندات والمتضررين.
الجريدة الرسمية